جزيرة جربة
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
جزيرة جربة
جزيرة جربة
جزيرة وادعة تقبعُ في
الجنوب التّونسي، حيث مياه البحر تُعانق شواطئها الرّمليّة، يتوافد عليها
آلاف السيّاح من أنحاء العالم ليقضوا فيها أوقاتا سعيدة بعيدا عن صخب
المدن و متاعبها. و صفها الأديب الفرنسي اندريه جِيد بأنّها جزيرة تُغرّد
العصافير في جنباتها و يُنسيك هواؤها المنعش الموت، و قال عنها الأديب
التّونسي محمّد المرزوقي: إنّ الزّائر لها يُؤخذ بجمال مناظرها الطّبيعيّة
الساحرة، إنّها جزيرة حالمة، انتشرت على رُقعتها غابات النخيل و الزّيتون
و بساتين الأشجار المُحمّلة بمختلف الثّمار. حقّا إنّها جزيرة الأحلام و
الرّمال الذّهبيّة أو جزيرة أوليس كما تصفها كتب الأدب و التّاريخ."
الفترة الفينيقيّة و البونيقيّة:
حوالي 640 قبل الميلاد: إحتلال الفينيقيين لخليج سرت
ما بين 535 و 450 ق.م: إحتلال خليج سرت من طرف القرطاجيّين.
القرن 4 ق.م: جزيرة جربة تُصبح مستعمرة قرطاجيّة.
253 ق.م: أسطول بحري روماني يحاول إحتلال الجزيرة و لكنّه يعود على أعقابه إثر تعثّره بصعوبة عبور المياه المحيطة بالجزيرة.
217 ق.م: حملة رومانيّة ثانية على الجزيرة.
الفترة النّوميديّة:
139ق.م: ماسينيسا يقضي على المستعمرات القرطاجانيّة في خليج سرت.
150 ق.م: جزيرة جربة تصبح جزء من إمبراطوريّة ماسينيسا بعد القضاء على الوجود القرطاجي في خليج سرت.
88 ق.م: مارييس (Marius) يلجأ إلى جزيرة جربة.
الفترة الرّومانيّة (Pax Romana): 46
ق.م: جربة تتبع لإفريقيا الرّومانيّة.
6 ميلادي: جربة تصبح مستعمرة رومانيّة.
القرن 2 و 3 ميلادي: "فترة الإزدهار الكبرى"، نموّ اقتصادي تشهده الجزيرة. تأسيس القنطرة الّتي تربط الجزيرة ببقيّة البلاد.
الوندال و البيزنطيّين:
455 ميلادي: جنسريق يحتلّ الجزيرة.
534 ميلادي: الجزيرة تخضع للبيزنطيّين و تشهد بناء الكنائس.
668 ميلادي: أوّل حملة عربيّة على الجزيرة.
المعروف تاريخيّا أنّ البربر هم السّكان الأصليّون لإفريقيا الشّماليّة و
كانوا يسكنون الشواطئ و الجبال و يشتغلون بفلاحة الأرض، مساكنهم الكهوف و
البيوت المنحوتة أو المبنيّة من الحجارة و الطّين، أو القشّ و أغصان
الأشجار على شكل أكواخ فوق الجبال و الهضاب. و آخرون كانوا يعيشون عيشة
البداوة يترحّلون بمواشيهم، و كانوا يسكنون تحت الخيام، و بعض الطوائف
منهم كانوا يعيشون ممّا يقومون به من أعمال السّلب و النّهب. لباسهم
يتكوّن من نسيج صوفيّ مخطّط و من برنس أسود، يرتدون الكدرون و الجبّة
يحلقون رؤوسهم و لا يغطّونها بشيء و يحجبون وجوههم بالشّام الّذي لا يزال
معمولا به إلى اليوم. يأكلون الكسكي، و يتكلّمون الشلحة و يكتبونها و لا
يزال البعض خاصّة في الجنوب التّونسي مثل جبال مطماطة و الدّويرات
يستعملون هذه اللّغة عند التّخاطب: و هي لغة متميّزة بذاتها معروفة من
قديم الزّمان و متواترة إلى الآن و لها آدابها الشعبيّة الشفهية.
و منذ فجر التّاريخ تنقّلت جربة من مًحتلّ إلى آخر و أوّل من احتلّها بعض
سكّان جزر "بحر إيجي" الّذين مكثوا فيها فترة طويلة قبل مجيء الفينيقييّن،
أدخلوا خلالها غراسة الأشجار و صناعة الفخّار.
و هكذا سبق الإغريق غيرهم من الشّعوب في التّعايش مع سكّان جربة.
و في القرن 12 ق.م. نزل بها الفينيقييّن الّذين قدموا من مدينتي صور و
صيدا من السّواحل الشّاميّة الكنعانيّة، و هي الجزء الّذي يحاذي البحر
الأبيض المتوسّط من القّارة الآسيويّة.
و ازدهرت خلالها التّجارة في جربة فانتشرت بذلك صناعة الفخّار و صناعة
الأرجوان الّذي ذكر عنه المؤرّخون أنّه كان يُضاهي إن لم يفق أرجوان صور،
و كان يباع بأغلى الأثمان.
و ممّا لا شكّ فيه أنّ الفينيقيّين هم الّذين جلبوا غراسة أشجار الزّيتون فانتشرت بذلك صناعة عصر الزّيتون.
و توالى المحتلّون على جربة فقدم بعد الفينيقيّين الرّومان، فشهدت الجزيرة
في العهد الرّوماني ازدهارا عظيما لا تزال آثاره العمرانيّة دالة عليه إلى
اليوم. و من ثَمّ قدم بعدهم الوندال و هم أمّة جرمانيّة الأصل زحفت على
بلاد الغال و الأندلس في القرن الرّابع بعد الميلاد، حيث استقرّت قرابة
عشرين عاما ثمّ بسطت نفوذها على المغرب الأقصى سنة 429م بقيادة ملكها
"جنسريق"
جربه في العصور الوسطى
عندما كانت أعظم دولتين في ذلك العهد: دولة السّاسانيّين و الدّولة
البيزنطيّة المسيطرة على بلدان البحر المتوسّط منهمكتين في حروب طاحنة
بدأت تظهر قوّة جديدة في الجزيرة العربيّة الّتي كانت شبه منعزلة عن بقيّة
العالم. هذه القوّة الجديدة هي قوّة الإسلام. , اتّجهت الجيوش العربيّة
إلى الجهاد و الفتح خارج الجزيرة العربيّة و كانت جربة من بين الأماكن
الّتي شملها الفتح العربي على يد الصّحابي رويفع بن ثابت الأنصاري سنة 60
هـ ثمّ أصبحت إفريقيّة بعد فتحها تحت حكم الولاّة ودام عهدهم قرابة قرن من
97 هـ إلى 184 هـ، عرفت خلالها الولاية عدّة اضطرابات إلى أن جاءت الدّولة
الإسلاميّة الأولى و هي الأغلبيّة الّتي كانت في خلاف مع الدّولة
الرستميّة بالجزائر فكانت جربة تابعة تارة للأغالبة و تارة الرستميّين
لكنّها كانت دائما شبه مستقلّة، إلى أن جاءت الدّولة الإسلاميّ الثانية و
هي الدّولة الفاطميّة الّتي قامت في البلاد التّونسيّة بعد العهد الأغلبي
دام عهدها 64 سنة من 296هـ إلى 362هـ. فأدخل الفاطميّيون الجزيرة في
حوزتهم إلى أن أقام عليها "المعز بن باديس الصّنهاجي" حملة غزو تأسّست
خلالها الدّولة الصّنهاجيّة على يد الأمير "بلكين بن زيري الصّنهاجي"
الّذي نصّبه "المعزّ لدين اللّه الفاطمي" حاكما على إفريقيّة اعترافا له
بالجميل عندما قرّر نقل الدّولة الفاطميّة إلى القاهرة.
و قد مرّت الدّولة الصّنهاجيّة بمرحلتين متتاليتين: عصر ازدهار و عصر
اضطراب. ففي المرحلة الأولى عرفت القيروان الإزدهار طيلة 78 سنة إلى قدوم
الهلاليّين سنة 440 هـ، أمّا المرحلة الثّانية فقد قاست فيها جربة كثيرا
من الويلات بسبب ما تعرّضت له من حملات الغزو لعلّ من أبرزها حملة "روجار
النّرمندي" سنة 529 هـ هاجم خلالها جربة و استولى عليها و سبى نسائها و
أطفالها و أرسلهم إلى صقليّة رغم المقاومة العنيفة الّتي أبداها الأهالي.
و بقيت جربة تحت الإحتلال النرمندي من سنة 688 إلى سنة 738. و في هذه
السّنوات استيقظت الدّولة الحفصيّة من سباتها و تذكّرت أنّ عدوّها يجثم
على
صدر قطعة عزيزة من ترابها فجهّزت جيشا كبيرا في أسطول ضخم و أجبرت
الحامية الإفرنجية على الإنسحاب و دخلت الجزيرة في حكم الحفصيّين
جربه والعصر الحديث
احتلّ العثمانيّيون جانبا من إفريقيّة سنة 1574 و جعلوا منها إيالة
عثمانيّة على غرار ما فعلوا بالمغرب الأوسط سنة 1519-1520 و بطرابلس في
1551. إلاّ أنّ هذه الإيالة التّونسيّة الّتي تمّ تكوينها بتاريخ متأخّر
ما لبثت أن طوّرت نظامها السّياسي قبل جارتيها الجزائريّة و الطّرابلسيّة
منذ أواخر القرن 16. فظهر بها آنذاك حكم الدّاي المنفرد بالسّلطة (في
النّصف الأوّل من القرن 17) ثمّ نظام وراثي شبه ملكي في عهد البايات
المراديّين (1628-1702) ثمّ الحسينيّين (بعد 1705). و قد نجح هؤلاء
الحسينيّيون في بناء صرح دولة مترسّخة في البلاد و متمتّعة باستقلاليّة
عريضة إزاء القوى الخارجيّة (إصطنبول أو داي الجزائر) خاصّة في عهد حمّودة
باشا (1782-1814).
استغلّت الإمبراطوريّتان العملاقاتان –العثمانيّة و الإسبانيّة- ضعف
الدّولة الحفصيّة للتدخّل في البلاد الإفريقيّة منذ 1534-1535. فاستقرّ
الإسبان بالقلعة الضّخمة الّتي شيّدوها بحلق الوادي منذ 1535. فعلاوة على
جزيرة جربة تمكّن "درغوث باشا" من احتلال قفصة في 1556 و القيروان (عاصمة
إمارة الشّابيّة المرابطيّة) في 1557 و دخل البايلر باي (القائد الأعلى )
"علي باشا" أو "علج علي" مدينة تونس في 1569 قبل أن يجلّيه عنها الإسبان
في 1573.
فعزم السلطان العثماني "سليم الثّاني" على استئصال الإسبان من البلاد
الإفريقيّة لأسباب استراتيجيّة (مراقبة الضفّة الجنوبيّة لمضيق صقليّة) و
سياسيّة ( إتمام احتلال بلدان هذه الضفّة من مصر إلى تخوم المغرب الأقصى)
و دينيّة (كان الجهاد من ثوابت السّياسة العثمانيّة). فتمكّن العثمانيّيون
بمساعدة الأهالي من اقتحام قلعة حلق الوادي الضّخمة ثمّ من افتكاك تونس و
القضاء نهائيّا على الوجود الإسباني و ذلك أثناء صائفة 1574.
و خلاصة القول: افتتح العهد الحديث بأزمة عميقة في كامل البلدان المغربيّة
و من ضمنها تونس و قد انتهت بانتصاب العثمانييّن بها و بتحوّلها إلى إيالة
عثمانيّة.
لكن سرعان ما تطوّر نظامها السّياسي أثناء القرنين السّابع و الثّامن عشر
ليتحوّل إلى "ملكيّة شبه وطنيّة" مستقلّة بذاتها و لا تربطها باصطنبول
إلاّ علاقات ولاء شكليّة. و هي تتحكّم (بصفة متفاوتة حسب الجهات و
المجموعات) في فضاء محدّد و مختلف عن فضاء الإيالات المجاورة.
و من ثمّ تسقط تونس في فخّ الإستعمار إذ صرّح المستشار الألماني بيسمارك
للسفير الفرنسي ببرلين (4 جانفي 1879) "إنّ الإجّاصة التّونسيّة قد أينعت
و حان لكم أن تقطفوها...". و فعلا لقد تدرّجت أوضاع الإيالة التّونسيّة
منذ الثلث الأوّل من القرن التّاسع عشر نحو التدهور و التأزّم تحت ضغط
القوى التّوسعيّة الأوربيّة الصّاعدة حتّى استقرّت الإيالة في أزمة شاملة
يسّرت التدخّل الفرنسي في 1881
جزيرة وادعة تقبعُ في
الجنوب التّونسي، حيث مياه البحر تُعانق شواطئها الرّمليّة، يتوافد عليها
آلاف السيّاح من أنحاء العالم ليقضوا فيها أوقاتا سعيدة بعيدا عن صخب
المدن و متاعبها. و صفها الأديب الفرنسي اندريه جِيد بأنّها جزيرة تُغرّد
العصافير في جنباتها و يُنسيك هواؤها المنعش الموت، و قال عنها الأديب
التّونسي محمّد المرزوقي: إنّ الزّائر لها يُؤخذ بجمال مناظرها الطّبيعيّة
الساحرة، إنّها جزيرة حالمة، انتشرت على رُقعتها غابات النخيل و الزّيتون
و بساتين الأشجار المُحمّلة بمختلف الثّمار. حقّا إنّها جزيرة الأحلام و
الرّمال الذّهبيّة أو جزيرة أوليس كما تصفها كتب الأدب و التّاريخ."
الفترة الفينيقيّة و البونيقيّة:
حوالي 640 قبل الميلاد: إحتلال الفينيقيين لخليج سرت
ما بين 535 و 450 ق.م: إحتلال خليج سرت من طرف القرطاجيّين.
القرن 4 ق.م: جزيرة جربة تُصبح مستعمرة قرطاجيّة.
253 ق.م: أسطول بحري روماني يحاول إحتلال الجزيرة و لكنّه يعود على أعقابه إثر تعثّره بصعوبة عبور المياه المحيطة بالجزيرة.
217 ق.م: حملة رومانيّة ثانية على الجزيرة.
الفترة النّوميديّة:
139ق.م: ماسينيسا يقضي على المستعمرات القرطاجانيّة في خليج سرت.
150 ق.م: جزيرة جربة تصبح جزء من إمبراطوريّة ماسينيسا بعد القضاء على الوجود القرطاجي في خليج سرت.
88 ق.م: مارييس (Marius) يلجأ إلى جزيرة جربة.
الفترة الرّومانيّة (Pax Romana): 46
ق.م: جربة تتبع لإفريقيا الرّومانيّة.
6 ميلادي: جربة تصبح مستعمرة رومانيّة.
القرن 2 و 3 ميلادي: "فترة الإزدهار الكبرى"، نموّ اقتصادي تشهده الجزيرة. تأسيس القنطرة الّتي تربط الجزيرة ببقيّة البلاد.
الوندال و البيزنطيّين:
455 ميلادي: جنسريق يحتلّ الجزيرة.
534 ميلادي: الجزيرة تخضع للبيزنطيّين و تشهد بناء الكنائس.
668 ميلادي: أوّل حملة عربيّة على الجزيرة.
المعروف تاريخيّا أنّ البربر هم السّكان الأصليّون لإفريقيا الشّماليّة و
كانوا يسكنون الشواطئ و الجبال و يشتغلون بفلاحة الأرض، مساكنهم الكهوف و
البيوت المنحوتة أو المبنيّة من الحجارة و الطّين، أو القشّ و أغصان
الأشجار على شكل أكواخ فوق الجبال و الهضاب. و آخرون كانوا يعيشون عيشة
البداوة يترحّلون بمواشيهم، و كانوا يسكنون تحت الخيام، و بعض الطوائف
منهم كانوا يعيشون ممّا يقومون به من أعمال السّلب و النّهب. لباسهم
يتكوّن من نسيج صوفيّ مخطّط و من برنس أسود، يرتدون الكدرون و الجبّة
يحلقون رؤوسهم و لا يغطّونها بشيء و يحجبون وجوههم بالشّام الّذي لا يزال
معمولا به إلى اليوم. يأكلون الكسكي، و يتكلّمون الشلحة و يكتبونها و لا
يزال البعض خاصّة في الجنوب التّونسي مثل جبال مطماطة و الدّويرات
يستعملون هذه اللّغة عند التّخاطب: و هي لغة متميّزة بذاتها معروفة من
قديم الزّمان و متواترة إلى الآن و لها آدابها الشعبيّة الشفهية.
و منذ فجر التّاريخ تنقّلت جربة من مًحتلّ إلى آخر و أوّل من احتلّها بعض
سكّان جزر "بحر إيجي" الّذين مكثوا فيها فترة طويلة قبل مجيء الفينيقييّن،
أدخلوا خلالها غراسة الأشجار و صناعة الفخّار.
و هكذا سبق الإغريق غيرهم من الشّعوب في التّعايش مع سكّان جربة.
و في القرن 12 ق.م. نزل بها الفينيقييّن الّذين قدموا من مدينتي صور و
صيدا من السّواحل الشّاميّة الكنعانيّة، و هي الجزء الّذي يحاذي البحر
الأبيض المتوسّط من القّارة الآسيويّة.
و ازدهرت خلالها التّجارة في جربة فانتشرت بذلك صناعة الفخّار و صناعة
الأرجوان الّذي ذكر عنه المؤرّخون أنّه كان يُضاهي إن لم يفق أرجوان صور،
و كان يباع بأغلى الأثمان.
و ممّا لا شكّ فيه أنّ الفينيقيّين هم الّذين جلبوا غراسة أشجار الزّيتون فانتشرت بذلك صناعة عصر الزّيتون.
و توالى المحتلّون على جربة فقدم بعد الفينيقيّين الرّومان، فشهدت الجزيرة
في العهد الرّوماني ازدهارا عظيما لا تزال آثاره العمرانيّة دالة عليه إلى
اليوم. و من ثَمّ قدم بعدهم الوندال و هم أمّة جرمانيّة الأصل زحفت على
بلاد الغال و الأندلس في القرن الرّابع بعد الميلاد، حيث استقرّت قرابة
عشرين عاما ثمّ بسطت نفوذها على المغرب الأقصى سنة 429م بقيادة ملكها
"جنسريق"
جربه في العصور الوسطى
عندما كانت أعظم دولتين في ذلك العهد: دولة السّاسانيّين و الدّولة
البيزنطيّة المسيطرة على بلدان البحر المتوسّط منهمكتين في حروب طاحنة
بدأت تظهر قوّة جديدة في الجزيرة العربيّة الّتي كانت شبه منعزلة عن بقيّة
العالم. هذه القوّة الجديدة هي قوّة الإسلام. , اتّجهت الجيوش العربيّة
إلى الجهاد و الفتح خارج الجزيرة العربيّة و كانت جربة من بين الأماكن
الّتي شملها الفتح العربي على يد الصّحابي رويفع بن ثابت الأنصاري سنة 60
هـ ثمّ أصبحت إفريقيّة بعد فتحها تحت حكم الولاّة ودام عهدهم قرابة قرن من
97 هـ إلى 184 هـ، عرفت خلالها الولاية عدّة اضطرابات إلى أن جاءت الدّولة
الإسلاميّة الأولى و هي الأغلبيّة الّتي كانت في خلاف مع الدّولة
الرستميّة بالجزائر فكانت جربة تابعة تارة للأغالبة و تارة الرستميّين
لكنّها كانت دائما شبه مستقلّة، إلى أن جاءت الدّولة الإسلاميّ الثانية و
هي الدّولة الفاطميّة الّتي قامت في البلاد التّونسيّة بعد العهد الأغلبي
دام عهدها 64 سنة من 296هـ إلى 362هـ. فأدخل الفاطميّيون الجزيرة في
حوزتهم إلى أن أقام عليها "المعز بن باديس الصّنهاجي" حملة غزو تأسّست
خلالها الدّولة الصّنهاجيّة على يد الأمير "بلكين بن زيري الصّنهاجي"
الّذي نصّبه "المعزّ لدين اللّه الفاطمي" حاكما على إفريقيّة اعترافا له
بالجميل عندما قرّر نقل الدّولة الفاطميّة إلى القاهرة.
و قد مرّت الدّولة الصّنهاجيّة بمرحلتين متتاليتين: عصر ازدهار و عصر
اضطراب. ففي المرحلة الأولى عرفت القيروان الإزدهار طيلة 78 سنة إلى قدوم
الهلاليّين سنة 440 هـ، أمّا المرحلة الثّانية فقد قاست فيها جربة كثيرا
من الويلات بسبب ما تعرّضت له من حملات الغزو لعلّ من أبرزها حملة "روجار
النّرمندي" سنة 529 هـ هاجم خلالها جربة و استولى عليها و سبى نسائها و
أطفالها و أرسلهم إلى صقليّة رغم المقاومة العنيفة الّتي أبداها الأهالي.
و بقيت جربة تحت الإحتلال النرمندي من سنة 688 إلى سنة 738. و في هذه
السّنوات استيقظت الدّولة الحفصيّة من سباتها و تذكّرت أنّ عدوّها يجثم
على
صدر قطعة عزيزة من ترابها فجهّزت جيشا كبيرا في أسطول ضخم و أجبرت
الحامية الإفرنجية على الإنسحاب و دخلت الجزيرة في حكم الحفصيّين
جربه والعصر الحديث
احتلّ العثمانيّيون جانبا من إفريقيّة سنة 1574 و جعلوا منها إيالة
عثمانيّة على غرار ما فعلوا بالمغرب الأوسط سنة 1519-1520 و بطرابلس في
1551. إلاّ أنّ هذه الإيالة التّونسيّة الّتي تمّ تكوينها بتاريخ متأخّر
ما لبثت أن طوّرت نظامها السّياسي قبل جارتيها الجزائريّة و الطّرابلسيّة
منذ أواخر القرن 16. فظهر بها آنذاك حكم الدّاي المنفرد بالسّلطة (في
النّصف الأوّل من القرن 17) ثمّ نظام وراثي شبه ملكي في عهد البايات
المراديّين (1628-1702) ثمّ الحسينيّين (بعد 1705). و قد نجح هؤلاء
الحسينيّيون في بناء صرح دولة مترسّخة في البلاد و متمتّعة باستقلاليّة
عريضة إزاء القوى الخارجيّة (إصطنبول أو داي الجزائر) خاصّة في عهد حمّودة
باشا (1782-1814).
استغلّت الإمبراطوريّتان العملاقاتان –العثمانيّة و الإسبانيّة- ضعف
الدّولة الحفصيّة للتدخّل في البلاد الإفريقيّة منذ 1534-1535. فاستقرّ
الإسبان بالقلعة الضّخمة الّتي شيّدوها بحلق الوادي منذ 1535. فعلاوة على
جزيرة جربة تمكّن "درغوث باشا" من احتلال قفصة في 1556 و القيروان (عاصمة
إمارة الشّابيّة المرابطيّة) في 1557 و دخل البايلر باي (القائد الأعلى )
"علي باشا" أو "علج علي" مدينة تونس في 1569 قبل أن يجلّيه عنها الإسبان
في 1573.
فعزم السلطان العثماني "سليم الثّاني" على استئصال الإسبان من البلاد
الإفريقيّة لأسباب استراتيجيّة (مراقبة الضفّة الجنوبيّة لمضيق صقليّة) و
سياسيّة ( إتمام احتلال بلدان هذه الضفّة من مصر إلى تخوم المغرب الأقصى)
و دينيّة (كان الجهاد من ثوابت السّياسة العثمانيّة). فتمكّن العثمانيّيون
بمساعدة الأهالي من اقتحام قلعة حلق الوادي الضّخمة ثمّ من افتكاك تونس و
القضاء نهائيّا على الوجود الإسباني و ذلك أثناء صائفة 1574.
و خلاصة القول: افتتح العهد الحديث بأزمة عميقة في كامل البلدان المغربيّة
و من ضمنها تونس و قد انتهت بانتصاب العثمانييّن بها و بتحوّلها إلى إيالة
عثمانيّة.
لكن سرعان ما تطوّر نظامها السّياسي أثناء القرنين السّابع و الثّامن عشر
ليتحوّل إلى "ملكيّة شبه وطنيّة" مستقلّة بذاتها و لا تربطها باصطنبول
إلاّ علاقات ولاء شكليّة. و هي تتحكّم (بصفة متفاوتة حسب الجهات و
المجموعات) في فضاء محدّد و مختلف عن فضاء الإيالات المجاورة.
و من ثمّ تسقط تونس في فخّ الإستعمار إذ صرّح المستشار الألماني بيسمارك
للسفير الفرنسي ببرلين (4 جانفي 1879) "إنّ الإجّاصة التّونسيّة قد أينعت
و حان لكم أن تقطفوها...". و فعلا لقد تدرّجت أوضاع الإيالة التّونسيّة
منذ الثلث الأوّل من القرن التّاسع عشر نحو التدهور و التأزّم تحت ضغط
القوى التّوسعيّة الأوربيّة الصّاعدة حتّى استقرّت الإيالة في أزمة شاملة
يسّرت التدخّل الفرنسي في 1881
روح فلسطين- مشرف
- عدد الرسائل : 1012
العمر : 49
السٌّمعَة : 0
نقاط : 158266
تاريخ التسجيل : 29/01/2010
رد: جزيرة جربة
[size=18]نسيم الفجر كتب:تعيشي وتسلمي اخت سنده علي ابداعك
الله يسلمك يا رب
أشكرك على مرورك العطر بموضوعي
دمت في رعاية الرحمان و حفظه
روح فلسطين- مشرف
- عدد الرسائل : 1012
العمر : 49
السٌّمعَة : 0
نقاط : 158266
تاريخ التسجيل : 29/01/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
21/07/22, 05:59 am من طرف نسيم الفجر
» سيرياتوك |syriatalk| بديل |syriamoon|سيرياتالك syriatalk.red
04/02/17, 10:16 pm من طرف سيرياتوك
» صور من غزه من تصويري رقم 7
08/01/17, 07:15 am من طرف نسيم الفجر
» Building-Operational-Excellence-in-the-Process-Industry
31/07/16, 11:42 am من طرف مركز التدريب
» Supply-Chain:-Concept,-Solution-&-Application
27/07/16, 01:35 pm من طرف مركز التدريب
» Planning-and-Managing-PR-Campaigns-MBA
19/07/16, 10:06 am من طرف مركز التدريب
» Business-Brain-Train-The-Whole-Brain-Approach-To-Business-Ef
18/07/16, 01:21 pm من طرف مركز التدريب
» مدراء المكاتب والسكرتارية التنفيذية باستخدام الحاسوب
17/07/16, 11:47 am من طرف مركز التدريب
» استخدام التحليل الرباعي في الادارة الاستراتيجية
16/07/16, 12:34 pm من طرف مركز التدريب
» تطوير وتنمية مهارات التنسيق الإداري
13/07/16, 12:15 pm من طرف مركز التدريب
» Supply_Chain:_Concept,_Solution_&_Application
05/07/16, 11:20 am من طرف مركز التدريب
» Building_Operational_Excellence_in_the_Process_Industry
03/07/16, 10:42 am من طرف مركز التدريب
» Effective_Project_Management
02/07/16, 11:25 am من طرف مركز التدريب
» Supporting and Troubleshooting Windows 10
26/06/16, 01:10 pm من طرف مركز التدريب
» دورات تدريبية لعام 2016 مقدمة من مركز الجودة لاوروبية
22/06/16, 12:05 pm من طرف مركز التدريب