يوم اسير فلسطيني في السجون الاسرائيلية

من طرف روح فلسطين 31/03/10, 10:02 pm

قد
لا يكون من الصعب ان تصف الكلمات السرد التسلسلي لمجريات حياة الاسير
الفلسطيني في احد ايامه في السجون الاسرائيلية بصورة تقريبية
حيث ان هذه المجريات تختلف من سجن لاخر بدرجة ما ولكن الصعوبة الكبرى تكمن
في قدرة الكلمات ان تصف ما يواكب تلك المجريات من صعوبات وانفعالات
والالام ومشاعر وتناقضات .
وقد تنجح الكاميرا في التقاط بعض المشاهد من حياة
الاسرى ولكنها ستظل صورة جامدة غير معبرة حتى التصوير بكاميرا فيديو ان
تيسر مثل هذا التصوير ان تكون قادرة على نقل الصورة الحقيقية لحياة الاسرى
كما هي وكما يعيشونها , لذا سيكون وصفنا لمجريات حياة الاسير بطريقتين ,
الاولى وصفا مجردا للمجريات اليومية المتسلسلة وكأنه تصوير صامت دون صوت او
لون او تعبيرات , والثانية ستكون وصفا لما يواكب بعض تلك المجريات او ما
قد يحدث من طواريء واحداث غير عادية مع محاولة الدخول لعمق ما يحس به
الاسير وما يختلج نفسه .
يستيقظ عدد من الاسرى قبل الفجر بوقت ما يتوضأون
ويبداون في شيء من صلاة قيام الليل , اخرون يستمرون في النوم حتى يسمعوا
الاذان الاول قبل اذان الفجر بنصف ساعة او ثلث ساعة فيقوم البعض بالاستعداد
لصلاة الفجر حيث ان فرصة التجهيز للصلاة على التوالي توجب ذلك .

ومع
اذان الفجر يستيقظ باقي المصلين من الاسرى لتادية الصلاة بينما يغرق
الكثيرون في سبات من النوم من الذين يصلون ولا يقومون لصلاة الفجر او ممن
لا يصلون اصلا .
يؤدي المصلون صلاتهم ويعود البعض للنوم بينما
يواصل البعض اوراد التسبيح والذكر وقراءة الماثورات .
في
هذه الاوقات يبدا السجانون بانزال الاقفال عن المزاليج التي تحكم اغلاق
الابواب في العادة بصورة مزعجة ودون مراعاة للنيام وبعد وقت تبدا مكبرات
الصوت تدعو السجانين للاستعداد لاجراء عدد الصباح وتعود وتلح بالمنادة مرات
ومرات .
تدخل للقسم فرقة من السجانين على راسها ضابط العدد
وهم يلبسون الدروع ويحملون الهراوات وانابيب الغاز المدمع ويبداون بدخول
الغرف واحدة تلو الاخرى حيث يجب على الاسرى النهوض من فراشهم والوقوف اثناء
اجراء العدد , بعد انتهاء العدد تعلن مكبرات الصوت انه كان صحيحا او يتم
اعادته مرة اخرى للتاكد من صحته حيث يتم بعد ذلك البدء بالحياة اليومية
الاعتيادية للاسرى ويبدا لك بخروج عمال القسم الذين يبداون بجمع القمامة من
الغرف ثم يوزعون طعام الافطار ويستعد الاسرى للخروج لساحة الفورة وفقا
للبرنامج المعروف وفي بعض السجون يخرج عدد من الاسرى للعب الرياضة البدنية
او الجري في ساحة الفورة بصورة دائرية في طابور ثم يبداون بممارسة التمارين
الرياضية في مجموعات او افراد , يتاح للبعض الدخول الى غرفهم للاستحمام
وقد يظل البعض في ساحة الفورة للمشي حيث يخرج للفورة الاسرى الذين يحق لهم
الخروج لها وفقا لنظام جدول الفورات .
يبدا هؤلاء الاسرى بالتمشي في مجموعات
صغيرة يتحدثون في اخر الاحداث والمستجدات والبعض يجلس جانبا او يتتمشى
وحيدا وهو يراجع شيئا من القران او يحفظ جديدا منه او يتدارس مع اخر موضوعا
دراسيا حتى ينتهي زمن الفورة فيبدا هؤلاء بالدخول الى غرفهم حيث يخرج
اخرون بنفس البرنامج , واولئك الذين دخلوا الى غرفهم يعدون طعام افطارهم
ويتناولونه وينظفون بعد ذلك الغرفة والادوات .
في
بعض السجون تتم في هذا الوقت زياررات الغرف حيث يقوم الاسرى بالتزاور اما
للدراسة او لنقاش امر ما او لحل بعض المشاكل واجراء بعض الترتيبات .

وهكذا
بين رياضة الصباح وفورة الصباح وتناول طعام الافطار وبعد الدراسة او
المراجعة او زيارة غرفة اخرى تنتهي فترة الصباح حيث تعلن
مكبرات الصوت عن وجوب الاستعداد لعدد الظهر فيتم عودة كل اسير الى غرفته
ويدخل العمال كذلك الى الغرف ويتم اغلاق غرف السجن بصورة كاملة اي لا يتحرك
اي من الاسرى من غرفته لتبدا عملية العد بنفس طريقة الصباح , فرقة
السجانين المدججين بالعتاد يدخلون الغرف غرفة غرفة ليقف الاسرى وتجري عملية
العد من قسم لاخر حتى يتم انهاء عملية عد جميع الاسرى في كل السجن ويتم
الاعلان بمكبرات الصوت ان العدد صحيح او يتم اعادته .
حين
ينتهي العدد يسمح للعمال من الاسرى الخروج من الغرف حيث يكون طعام الغداء
قد وصل فيقوم العمال بتوزيعه على الغرف , البعض من الاسرى يتناولون غدائهم
والكثيرون ياجلون ذلك كوجبة واحدة كعشاء مبكر .
بعض
الاسرى يستغلون وقت العدد واغلاق الاقسام لنوم القيلولة لساعة او بضع ساعة
.
يكون
الاسرى قد استعدوا لصلاة الظهر وحين يعلن احدهم الاذان يادون فريضة الظهر
حيث يكون فترة فورة الفترة المسائية قد شارف فيخرج من يريدون ممن تندرج
غرفهم في برنامج الفورات يقضونها في التمشي فرادى او جماعات صغيرة او
الجلوس بجوار الجدران الشاهقة التي تحيط بساحة الفورة في احاديث او مدارسات
او يدخن احدهم سيجارته او يحتسي كوب شاي او قهوة .
تنتهي
الفورة الاولى فيدخل الاسرى لغرفهم تحت رقابة السجانين المشددة كما هي
العادة عند الخروج للفورة او الدخول منها حيث يكون ذلك من بين عدد من
السجانين الذين يحملون ادوات القمع واحدهم يفحص كل اسير او بعض من الاسرى
بصورة انتقائية بالة كشف المعادن او باليد المجردة وحين
يكتمل دخولهم تبدا المجموعة الثانية من الاسرى بالخروج واحدا واحدا من
الغرف المتبقية غرفة غرفة وسط نفس الساحة ونفس الجلسات او المشي الفردي او
الجماعي حتى تنتهي الفورة فياتي السجانون لادخالهم من جديد الى غرفهم , في
بعض السجون او الاقسام يخرج جميع او غالبية الاسرى المتواجدين في القسم
للساحة مرة واحدة وليس على شكل دفعتين حيث يحدد عدد الاسرى الذين يسمح لهم
بالتواجد في الساحة دون تقييد لبرنامج محدد للغرف التي تخرج للفورة .

يعود
الاسرى لغرفهم حيث يسمح في بعض السجون بجولة اخرى من التزاور في الغرف بين
الاسرى مدتها ساعة حيث ينتقل الاسير من غرفته لغرفة اخرى لزيارة بعض
زملائه الاسرى للدراسة او التسلية بلعب الشطرنج او الطاولة او بعض الانشطة
الاخرى .
يعلو اذان العصر ويؤدي الاسرى المصلون صلاتهم ,
البعض يبداون بتجهيز طعام العشاء حيث يستغرق ذلك وقتا يزيد على ساعة ونصف
في العادة فهم يفعلون ذلك على بلاطة كهربائية , خلال ذلك ينشغل البعض
بالدراسة او العبادة او الشطرنج او مشاهدة التلفاز على البرامج الاخبارية
او الرياضة او بمشاهدة مسلسل او فيلم .
تعلن
مكبرات الصوت بدا عدد المساء حيث تجري عملية العد المعتادة لكنها هذه
المرة تترافق مع تشخيص الاسرى بواسطة اسمائهم او النظر الى صورهم في بطاقات
تحمل البيانات والصور او من خلال جهاز حاسوب صغير يحمله ضابط العدد .

بعد
انتهء العد يتم ايصاد الابواب بالمزاليج والاقفال زيادة على الاغلاق
العادي طلية اليوم هذا الاغلاق يستمر طيلة الليل حتى عدد الصباح ويمنع فتح
اي باب ليلا الا بوجود احد الضباط وبرفقة قوة كبيرة من الشرطة تحت اي ظرف
ولا يتم ذلك الا في حالات خاصة جدا .
يتناول الاسرى طعام العشاء قبل المغرب
او بعد مباشرة ثم يقومون بغسل الارضية والاطباق والاواني , يشربون الشاي او
مشروبا باردا مما اشتروه من الكانتينه ويشاهدون خلال ذلك التلفاز خاصة
البرامج السياسية و الاخبارية .
يصلي المصلون منهم العشاء وينصرف كل
واحد منهم الى شانه بين متعبد او تال للقران او دارس لكتاب او مطالع لصحيفة
او جالس الى شاشة التلفاز لمشاهدة فيلم او مسلسل او برنامج اخر .

قد
يجلس البعض في اركان الغرفة يتسامرون او يتحادثون وهم يرتشفون الشاي او
القهوة او يتسلون باكل بزر البطيخ او طعام او شراب , يرجع البعض الى فراشهم
مبكرين ويبدا الاخرون في توفير نسبة اكبر من الهدوء ويطفئون النور في
الغرفة قبل العاشرة او بعدها ويبدا الاخرون يتسللون الى فراشهم وقد ساد
الصمت واقترب منتصف الليل الا من حركة خفيفة من احد الزملاء وهو يدخل
المرحاض في زاوية الغرفة او من صراخ السجانين على بعضهم البعض وهم يبدلون
الدوريات او من صوت ركل الابواب الخارجية للاقسام وهو يدوي مع دخول احد
السجانين او خروجه او من صوت الاقفال وهي تفحص بيد احد الضباط او السجانين
وهو يتفحصها واحدة تلو الاخرى انها في مكانها الصحيح مغلقة تحكم اغلاق
الباب على الاسرى الذين غط بعضهم في نومه فعلا شخير احدهم او فارق النور
جفون ثان وتنازعته الافكار والخيالات والمشاعر .
هكذا
تنساب الدقائق والساعات على البعض او تجر اقدامها ثقيلة ثقل اقدام السجان
الذي يظل رائحا غاديا ينظر الى داخل الغرف يراقب النيام ليبدا يوم جديد
يكرر سابقه الذي كرر مئات او الاف او عشرات الاف الايام السابقة الا من حدث
غير معتاد بصورة يومية , من وزيارة اهل جاءوا من اخر الوطن لرؤيته بعض
الوقت او تفتيش مفاجيء ف ليل او نهار يدخل فيه عشرات السجانين للقسم يدخل
كل غرفة منهم مجموعة تقلب كل ما في الغرفة راسا على عقب او حين يمرض احد
الاسرى فتبدا رحلة العذاب له ولعموم اخوانه في غرفته وفي القسم احيانا وهم
يصرخون بطلب حضور الممرض او اخراج الاسير للعيادة .
هذا
السرد التسلسلي لمجريات حياة الاسير الفلسطيني في السجون العادية على مدار
اليوم وبالصورة المجردة وباللون الاسود والابيض , دون صوت ولا لون ولا
مشاعر ولا خلجات .
غير السجون العادية هناك اسرى يعيشون ظروفا اشد
واقسى اولئك الاسرى المعزولين .
وسنلتقي ان شاء الله في حلقة اخرى
نحاول ان نسبر فيها غور ما يمر على الاسير من مشاعر وخلجات , من الام وامال
ما يثير فيه الامل وما يحرك فيه الاشمئزاز , ذلك عالم اخر قد لا تقدر
الكلمات الا على وصف جزء يسسير منه .

اللجنة
الاعلامية للهيئة القيادية العليا لاسرى حركة حماس في سجون الاحتلال