استشهاد قلم ..

من طرف **امير العذاب** 18/06/10, 04:49 pm

;
post_id = 1551174;
sck = 'e5f3c28a14dfbea06a81dd574e95c05e';

استشهاد قلم ..

في
اليوم التالي ، خرجت رؤية الى مدرستها سيرا على قدميها الراجفتين أسفل
جسدها النحيل ، الذي كان يصطك من شدة البرد ، فيما كانت معزوفةالصمت التي
تغلف روحها اثناء سيرها جنائزية الطابع ، ولاتبعث على الدفء ابدا ،
حقيبتها الصغيرة ترتعد بين يديها هي الاخرى ، وتكاد تسقط منها مغشية عليها
في غير منحنى غير مرة ، وحلق صغير في الطرف السفلي لاذنيها هيؤ اليها انه
ماعاد خفيفا بعد اليوم وانه منذ نسائم صباحها الاولى يعمل على تلقي صفعات
برد الطريق الطويل فيرسله بدوره الى اعماقها وكانه راصد جوي متحرك يحوم
شقاءا حولها ، ولوهلة ظنته انه طائرة بدون طيار تلازمها في تحركها وان
غرباء هناك ربما يحاولون اصطياد بقايا خطواتها ، ومريولها خيل اليها كانه
استحال الى بيت بلاستيكي زراعي في شتاء قاس وقارص وانها للتو قد نهضت من
نومها وخرجت اليه كمصدر للمياه وحيد في منطقتها علها تغسل وجهها بما ابقاه
الصقيع من برد او طل فوقه ، كانت ترتعد بكل معاني الكلم ، كما كانت ليلتها
السابقة قد قضتها بلا حضن ولا حلم ، كل في معيتها كان يسير في ذات الطريق
مهيبا وكانه كان يسير في جنازتة الى مجهول رهيب ، لم يقطع واقعها الاليم
هذا الا تغريد عصافير الجوع في صباحات ما انفكت تعاود شموسها الاشراق
عليها ببؤس مبالغ فيه .
واخيرا وبعد مسيرة خمسة وعشرين دقيقة تجاه اعمدة شمس متلاصقة في طرف ذلك المخيم الغزي ..وصلت الى مدرستها متاخرة بعض الشيء .
تلاحق ماتبقى من خطوها انغامه ليقودها بعد دقيقتين الى فصل عتيق .
حاولت الجلوس الى طاولة ليست متاكدة انها قد خصصت لها وقد كتب عليها رؤية رقم جلوس 117
وعلى
غرار استنادها فقد كان جلوسها شكلا لا مضمونا ..وكانت روحها تنزف طلاسم
شتى لم يعي لها الحاضرون معنى .اخرجت قلمها بعد مدة ..ثم انها استطاعت
بالكاد لملمة شتات فكرها..وحاولت البدء..
الجمع الاداري يعلن استعداده ..
توزع ورقة الامتحان..
في السطر الاول منها كان هناك سؤال عنوان عن الانسان الام في هذا الزمان ..وفي هذا المكان من قطاعنا الحبيب ..
ارتعدت
فرائصها مرة اخرى ..كان دوي رعدها شديدا للدرجة التي اهتزت منها القاعة
..وامطرت الدموع انهارا فسقط قلمها على ارض المعركة شهيدا..تاركا أنامل
رؤية الغضة لوحدها تحاول ان تصنع غدها .
لكنها هي الاخرى لحقته بعد برهة حرة من حرائر فلسطين ..
هرج ومرج صامتين لوقار المشهد الحزين لطفلة مسالمة ..واستدعاء لعربة اسعاف نقلتها على الفور الى مشفى قريب سرعان ما اعلن موتها .
جو كئيب بسمائه خرج عن نطاق السيطرة واحتل كل ناحية في المخيم ..
في
اليوم التالي اعلنت صحيفة محلية ..ان رؤية ذهبت لاداء الامتحان الاخير
بالرغم من استشهاد والدتها في الليلة السابقة وانها توفيت نتيجة الحصار.