هل هناك مشروع تركي؟
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
هل هناك مشروع تركي؟
[SIZE="5"]
كتب إلياس حرفوش في الحياة اللندنية
ما لبث رجب طيب اردوغان ان انهى زيارته الى لبنان، حيث أحب بعضهم ان يرحب به بوصفه رمزاً للعثمانية المتجددة، حتى كان رئيس الحكومة سعد الحريري يحزم حقائبه متجهاً الى طهران، التي يتهمها البعض الآخر من اللبنانيين باستخدام ارض الجنوب لإقامة قاعدة ايرانية على البحر المتوسط.
ولم تقصّر وسائل الإعلام اللبنانية في ملاحظة الفوارق بين الطريقة التي أعدت لاستقبال الرئيس الإيراني احمدي نجاد الشهر الماضي وتلك التي تم بها استقبال رئيس حكومة تركيا. وكان الطابع المذهبي طاغياً على الفوارق، خصوصاً في الجانب الشعبي من الاستقبالات. ففي مقابل مهرجانات الضاحية الجنوبية وبنت جبيل التي استقبلت نجاد وكان الحضور الشيعي هو المهيمن فيها، تكرر الأمر في مهرجانات صيدا وقرى عكار حيث أخذت الاستقبالات طابعاً سنياً بامتياز، بل تركمانياً كذلك، كما كانت الحال في قريتي الكواشرة وعيدمون الشماليتين.
هناك طبعاً نوستالجيا لبنانية في الحالتين تبحث عمّن يدغدغ احلامها. وفي الحالتين ايضاً هناك هرب لبناني، نتيجة حالة الانهيار الحاصلة في الانتماء الوطني، الى احضان اخرى. لكن هناك تجاهلاً في الوقت ذاته لما تبغيه تلك الأحضان من احتضان «اتباعها». وإذا كان انصار احمدي نجاد في لبنان من الذين رفعوا الشعارات الإيرانية لاستقباله لا يتحرّجون من اعلان ولائهم لـ «ولاية الفقيه»، على رغم كونها مشروعاً مضاداً لكل الأسس التي يقوم عليها الوطن اللبناني، او ما بقي منه، فإن الذين استقبلوا اردوغان ظهروا اكثر تعاطفاً مع استعادة «امجاد» الأمبراطورية العثمانية مما لا يجرؤ اردوغان نفسه على التفوه به، على رغم مساعي القطع التي يقوم بها مع ارث اتاتورك. ومثل «ولاية الفقيه»، لا يبدو الحنين الى هذا المجد العثماني الغابر سوى مشروع معاد للدولة اللبنانية الحديثة التي قامت على انقاضه، كما سواها من دول المشرق العربي.
مع ان اللبنانيين جادون في البحث عن وسائل الدعم الإقليمية لتعزيز متاريسهم الداخلية، فإن الحقيقة أن التنافس المذهبي الذي طغى على الاستقبالين اللذين تم اعدادهما لكل من نجاد وأردوغان، هو «تنافس لبناني» يعكس الصراع المذهبي الإقليمي، لكنه تنافس لا مثيل له بين تركيا وإيران لجهة الدور الذي تبحثان عنه في المنطقة ولجهة الدفاع عن مصالحهما فيها. هناك الآن ما يشبه التكامل بين الدورين التركي والإيراني، مقارنة بالخصومات السابقة منذ قيام الثورة الإسلامية في طهران. ويعود الفضل في ذلك الى الانقلاب الذي احدثه حزب «العدالة والتنمية» في انقرة، وكذلك الى سعي طهران وسائر القوى التي تدور في فلكها، على اختلاف انتماءاتها المذهبية، الى استغلال هذا الانقلاب ومحاولة الإفادة منه.
بناء على ذلك، هناك رهان بين «الممانعين» في المنطقة على الدعم الذي تستطيع ان توفره القوة التركية. اما درجة الإفادة من هذا الدعم فتبقى موضع تساؤل، خصوصاً ان الدور التركي لم يستطع ان يساهم، لا سلباً ولا ايجاباً، في تغيير ميزان القوى العربي الإسرائيلي، على رغم، وأحياناً بسبب الخطابية المدوية التي يتميز بها اردوغان. والأمثلة على فشل هذا الدور كثيرة، من انهيار الوساطة التركية بين سورية وإسرائيل، والتي عولت عليها دمشق كثيراً، الى الفشل في منع تشديد العقوبات على ايران، وصولاً الى الموافقة على الدرع الصاروخية الأطلسية التي تستهدف ما يعتبره الأطلسيون «خطراً ايرانياً».
اذا كان لإيران مشروع مذهبي متماسك في المنطقة، فإن منافسي هذا المشروع يحلمون اذا كان رهانهم على مشروع تركي يستطيع ان يخدم مصالح الفريق الذي يشعر بانحسار نفوذه نتيجة تمدد المشروع الإيراني. تركيا تسعى الى تحقيق مصالح تجارية واقتصادية وسياسية، وعلى الطريق الى ذلك لا تمانع في الاتكاء على خطاب تعبوي، لا اكثر ولا أقل، يستدعي التصفيق تبعاً لهوية الجماهير. من النماذج على ذلك هو التصفيق الذي حظي به تهديد اردوغان من بيروت للإسرائيليين على وقع عبارة: لن نسكت امام ما تقوم به اسرائيل وسنقول بكل امكاناتنا اننا مع الحق. وفي المقابل كان الخطاب الآخر الذي القاه اردوغان في عكار وتطرق فيه الى اغتيال رفيق الحريري قائلاً: سننادي بتطبيق القانون الدولي ونقولها عالية في وجه القتلة: نعم انتم القتلة.
لكل مقام مقال، على طريقة اردوغان[/SIZE]
كتب إلياس حرفوش في الحياة اللندنية
ما لبث رجب طيب اردوغان ان انهى زيارته الى لبنان، حيث أحب بعضهم ان يرحب به بوصفه رمزاً للعثمانية المتجددة، حتى كان رئيس الحكومة سعد الحريري يحزم حقائبه متجهاً الى طهران، التي يتهمها البعض الآخر من اللبنانيين باستخدام ارض الجنوب لإقامة قاعدة ايرانية على البحر المتوسط.
ولم تقصّر وسائل الإعلام اللبنانية في ملاحظة الفوارق بين الطريقة التي أعدت لاستقبال الرئيس الإيراني احمدي نجاد الشهر الماضي وتلك التي تم بها استقبال رئيس حكومة تركيا. وكان الطابع المذهبي طاغياً على الفوارق، خصوصاً في الجانب الشعبي من الاستقبالات. ففي مقابل مهرجانات الضاحية الجنوبية وبنت جبيل التي استقبلت نجاد وكان الحضور الشيعي هو المهيمن فيها، تكرر الأمر في مهرجانات صيدا وقرى عكار حيث أخذت الاستقبالات طابعاً سنياً بامتياز، بل تركمانياً كذلك، كما كانت الحال في قريتي الكواشرة وعيدمون الشماليتين.
هناك طبعاً نوستالجيا لبنانية في الحالتين تبحث عمّن يدغدغ احلامها. وفي الحالتين ايضاً هناك هرب لبناني، نتيجة حالة الانهيار الحاصلة في الانتماء الوطني، الى احضان اخرى. لكن هناك تجاهلاً في الوقت ذاته لما تبغيه تلك الأحضان من احتضان «اتباعها». وإذا كان انصار احمدي نجاد في لبنان من الذين رفعوا الشعارات الإيرانية لاستقباله لا يتحرّجون من اعلان ولائهم لـ «ولاية الفقيه»، على رغم كونها مشروعاً مضاداً لكل الأسس التي يقوم عليها الوطن اللبناني، او ما بقي منه، فإن الذين استقبلوا اردوغان ظهروا اكثر تعاطفاً مع استعادة «امجاد» الأمبراطورية العثمانية مما لا يجرؤ اردوغان نفسه على التفوه به، على رغم مساعي القطع التي يقوم بها مع ارث اتاتورك. ومثل «ولاية الفقيه»، لا يبدو الحنين الى هذا المجد العثماني الغابر سوى مشروع معاد للدولة اللبنانية الحديثة التي قامت على انقاضه، كما سواها من دول المشرق العربي.
مع ان اللبنانيين جادون في البحث عن وسائل الدعم الإقليمية لتعزيز متاريسهم الداخلية، فإن الحقيقة أن التنافس المذهبي الذي طغى على الاستقبالين اللذين تم اعدادهما لكل من نجاد وأردوغان، هو «تنافس لبناني» يعكس الصراع المذهبي الإقليمي، لكنه تنافس لا مثيل له بين تركيا وإيران لجهة الدور الذي تبحثان عنه في المنطقة ولجهة الدفاع عن مصالحهما فيها. هناك الآن ما يشبه التكامل بين الدورين التركي والإيراني، مقارنة بالخصومات السابقة منذ قيام الثورة الإسلامية في طهران. ويعود الفضل في ذلك الى الانقلاب الذي احدثه حزب «العدالة والتنمية» في انقرة، وكذلك الى سعي طهران وسائر القوى التي تدور في فلكها، على اختلاف انتماءاتها المذهبية، الى استغلال هذا الانقلاب ومحاولة الإفادة منه.
بناء على ذلك، هناك رهان بين «الممانعين» في المنطقة على الدعم الذي تستطيع ان توفره القوة التركية. اما درجة الإفادة من هذا الدعم فتبقى موضع تساؤل، خصوصاً ان الدور التركي لم يستطع ان يساهم، لا سلباً ولا ايجاباً، في تغيير ميزان القوى العربي الإسرائيلي، على رغم، وأحياناً بسبب الخطابية المدوية التي يتميز بها اردوغان. والأمثلة على فشل هذا الدور كثيرة، من انهيار الوساطة التركية بين سورية وإسرائيل، والتي عولت عليها دمشق كثيراً، الى الفشل في منع تشديد العقوبات على ايران، وصولاً الى الموافقة على الدرع الصاروخية الأطلسية التي تستهدف ما يعتبره الأطلسيون «خطراً ايرانياً».
اذا كان لإيران مشروع مذهبي متماسك في المنطقة، فإن منافسي هذا المشروع يحلمون اذا كان رهانهم على مشروع تركي يستطيع ان يخدم مصالح الفريق الذي يشعر بانحسار نفوذه نتيجة تمدد المشروع الإيراني. تركيا تسعى الى تحقيق مصالح تجارية واقتصادية وسياسية، وعلى الطريق الى ذلك لا تمانع في الاتكاء على خطاب تعبوي، لا اكثر ولا أقل، يستدعي التصفيق تبعاً لهوية الجماهير. من النماذج على ذلك هو التصفيق الذي حظي به تهديد اردوغان من بيروت للإسرائيليين على وقع عبارة: لن نسكت امام ما تقوم به اسرائيل وسنقول بكل امكاناتنا اننا مع الحق. وفي المقابل كان الخطاب الآخر الذي القاه اردوغان في عكار وتطرق فيه الى اغتيال رفيق الحريري قائلاً: سننادي بتطبيق القانون الدولي ونقولها عالية في وجه القتلة: نعم انتم القتلة.
لكل مقام مقال، على طريقة اردوغان[/SIZE]
طلال محمود- الاداره العامه
- عدد الرسائل : 12
السٌّمعَة : 0
نقاط : 154324
تاريخ التسجيل : 25/10/2010
مواضيع مماثلة
» &&مشروع فكر&&.......
» مشروع استثماري ناجح
» مشروع ساعة ذكر وطاعة لله عز وجل....
» هناك عالم انا وحدي فيه...
» هناك عالم انا وحدي فيه...
» مشروع استثماري ناجح
» مشروع ساعة ذكر وطاعة لله عز وجل....
» هناك عالم انا وحدي فيه...
» هناك عالم انا وحدي فيه...
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
21/07/22, 05:59 am من طرف نسيم الفجر
» سيرياتوك |syriatalk| بديل |syriamoon|سيرياتالك syriatalk.red
04/02/17, 10:16 pm من طرف سيرياتوك
» صور من غزه من تصويري رقم 7
08/01/17, 07:15 am من طرف نسيم الفجر
» Building-Operational-Excellence-in-the-Process-Industry
31/07/16, 11:42 am من طرف مركز التدريب
» Supply-Chain:-Concept,-Solution-&-Application
27/07/16, 01:35 pm من طرف مركز التدريب
» Planning-and-Managing-PR-Campaigns-MBA
19/07/16, 10:06 am من طرف مركز التدريب
» Business-Brain-Train-The-Whole-Brain-Approach-To-Business-Ef
18/07/16, 01:21 pm من طرف مركز التدريب
» مدراء المكاتب والسكرتارية التنفيذية باستخدام الحاسوب
17/07/16, 11:47 am من طرف مركز التدريب
» استخدام التحليل الرباعي في الادارة الاستراتيجية
16/07/16, 12:34 pm من طرف مركز التدريب
» تطوير وتنمية مهارات التنسيق الإداري
13/07/16, 12:15 pm من طرف مركز التدريب
» Supply_Chain:_Concept,_Solution_&_Application
05/07/16, 11:20 am من طرف مركز التدريب
» Building_Operational_Excellence_in_the_Process_Industry
03/07/16, 10:42 am من طرف مركز التدريب
» Effective_Project_Management
02/07/16, 11:25 am من طرف مركز التدريب
» Supporting and Troubleshooting Windows 10
26/06/16, 01:10 pm من طرف مركز التدريب
» دورات تدريبية لعام 2016 مقدمة من مركز الجودة لاوروبية
22/06/16, 12:05 pm من طرف مركز التدريب