غسان كنفاني وارض فلسطين
5 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
غسان كنفاني وارض فلسطين
ذكرى غسان فلسطين...رحل مخلفا تراثا للأجيال
[color=#cc3333][color=#0000ff]في ذكرى غسان فلسطين
رحل مخلفا تراثا للأجيال
"إن كل قيمة كلماتي كانت في أنها تعويض صفيق و تافه لغياب السلاح..و إنها تنحدر الآن أمام شروق الرجال الحقيقيين الذين يموتون كل يوم في سبيل شيء أحترمه"
استشهد غسان كنفاني صاحب هذه الكلمات قبل خمس وثلاثين سنة في الثامن من يوليو لعام 1972وعاش ستاً وثلاثين سنة فقط ، استشهد غسان وهو من حمل قنابل الكلمات لا البارود.
غسان مرتبط باغتصاب فلسطين ، وتذهب حينما تتذكره للإحساس بمعاناة المهاجر من أرضه لخيم الذل والهوان ، حيث اضطر للنزوح مع آلاف الفلسطينيين بعد نكبة 1948 ، كما اضطر للهرب مع عائلته للبنان ، يصف خوفهم أثناء رحلتهم وكيف أيقظه والده ونادي عليه ليأتي معه ويشهد دخول الجيوش العربية إلي فلسطين وكان والده يهتف بصوت مبحوح إلي الجنود الفارين، راكضا وراء سياراتهم المصفحة، ليرمي إليهم صور لبعض الأطفال الفلسطينيين الجوعي والحزاني.
حب فلسطين شهادته الأولي
"إذا كنا مدافعين فاشلين عن القضية..فالأجدر بنا أن نغير المدافعين..لا أن نغير القضية"
ولد غسان كنفاني في مدينة عكا الفلسطينية في التاسع من إبريل عام 1936 لأسرة متوسطة، وقد التحق والده بمعهد الحقوق في القدس في ظروف غير عادية إذ كان والده معارضا لذلك ولم يساعده ماليا فما كان منه إلا أن يتكل علي جهده الشخصي لتأمين حياته ودراسته، فكان تارة ينسخ المحاضرات لزملائه وتارة يبيع الزيت الذي يرسله إليه والده إلي أن تخرج كمحام.
غسان هو الوحيد بين أشقائه من مواليد مدينة عكا، فقد كان من عادة أسرته تمضية فترات الإجازة والأعياد في عكا، ويروي عن ولادته أن أمه حين جاءها المخاض لم تستطع أن تصل إلي سريرها قبل أن تضع وليدها، وكاد الوليد يختنق بسبب ذلك.
عاش الطفل غسان مأساة اللجوء بكل تداعياتها وويلاتها وأحسها تماما كما الكبار الذين تركوا بلادهم قهرا، فانعكس إحساسه بالظلم علي أدبه فيما بعد، قائلا: أن الإرهاب قد يفجر مكامن الثورة في النفوس، فيموت الخوف الطبيعي وتحل مكانه إرادة جبارة لا تهادن.
كان من نصيب غسان الالتحاق بمدرسة الفرير بيافا ولم تستمر دراسته الابتدائية هذه سوى بضع سنوات فقد كانت أسرته تعيش في حي المنشية بيافا وهو الحي الملاصق لتل أبيب وقد شهد أولى حوادث الاحتكاك بين العرب واليهود التى بدأت هناك إثر قرار تقسيم فلسطين.
في عام 1948 أجبر وعائلته على النزوح فعاش في سوريا كلاجىء فلسطيني ثم في لبنان حيث حصل على الجنسية اللبنانية، أكمل دراسته الثانوية في دمشق وحصل على شهادة البكالوريا السورية عام 1952. في نفس العام التحق بكلية الأدب العربي في جامعة دمشق ولكنه انقطع عن الدراسة في نهاية السنة الثانية، وانضم إلى حركة القوميين العرب التي ضمه اليها جورج حبش لدى لقائهما عام 1953.
في أواخر عام 1955 التحق للتدريس في المعارف الكويتية وفترة إقامته في الكويت كانت المرحلة التى رافقت إقباله الشديد والذي يبدو غير معقول على القراءة وهى التى شحنت حياته الفكرية بدفقة كبيرة فكان يقرأ بنهم لا يصدق، كان يقول انه لا يذكر يوماً نام فيه دون أن ينهي قراءة كتاب كامل أو ما لا يقل عن ستمائة صفحة وكان يقرأ ويستوعب بطريقة مدهشة.
وهناك بدأ يحرر في إحدى صحف الكويت ويكتب تعليقا سياسياً بتوقيع "أبو العز" ، في الكويت كتب أيضاً أولي قصصه القصيرة "القميص المسروق" التى نال عليها الجائزة الأولي في مسابقة أدبية.
و فى الكويت أيضاً ظهرت عليه بوادر مرض السكري وكانت شقيقته قد أصيبت به من قبل وفي نفس السن المبكرة مما زاده ارتباطاً بها وبالتالي بابنتها الشهيدة لميس نجم التى ولدت عام 1955.
فأخذ غسان يحضر للميس في كل عام مجموعة من أعماله الأدبية والفنية ويهديها لها وكانت هى شغوفة بخالها محبة له تعتز بهديته السنوية تتفاخر بها أمام رفيقاتها ولم يتأخر غسان عن ذلك الا فى السنوات الأخيرة بسبب ضغط عمله، عام 1960 حضر غسان إلى بيروت للعمل في مجلة الحرية .
بالإضافة إلى عمله في مجلة الحرية أخذ يكتب مقالاً أسبوعيا لجريدة "المحرر" اللبنانية لفتت مقالاته الأنظار إليه كصحفي ومفكر وعامل نشيط للقضية الفلسطينية فكان مرجعاً لكثير من المهتمين.
عام 1961 كان يعقد فى يوغوسلافيا مؤتمر طلابي اشتركت فيه فلسطين وكذلك كان هناك وفد دنماركي كان بين أعضاء الوفد الدانمركي فتاة تدعي "آن" كانت متخصصة في تدريس الأطفال، قابلت هذه الفتاة الوفد الفلسطيني ولأول مرة سمعت عن القضية الفلسطينية.
واهتمت الفتاة اثر ذلك بالقضية ورغبت فى الإطلاع عن كثب على المشكلة فشدت رحالها إلى البلاد العربية مرورا بدمشق ثم إلى بيروت حيث أوفدها أحدهم لمقابلة غسان كنفاني كمرجع للقضية وقام غسان بشرح الموضوع للفتاة وزار وإياها المخيمات وكانت هى شديدة التأثر بحماس غسان للقضية وكذلك بالظلم الواقع على هذا الشعب ولم تمض على ذلك عشرة أيام إلا وكان غسان يطلب يدها للزواج وقام بتعريفها علي عائلته كما قامت هي بالكتابة إلى أهلها وقد تم زواجهما عام 1961ورزقا بفايز وليلي.
ثم أصبح غسان رئيس تحرير جريدة (المحرر) اللبنانية، وأصدر فيها(ملحق فلسطين) ثم انتقل للعمل في جريدة الأنوار اللبنانية وحين تأسست الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أصدرت الجبهة جريدة ناطقة باسمها حملت اسم ( الهدف ) وترأس غسان تحريرها، كما أصبح ناطقا رسميا باسم الجبهة.
هكذا كان غسان في أعوامه الستة والثلاثين التي عاشها يسابق الوقت في العمل حتي ذهب البعض إلي القول بأن غسان كنفاني " كان يكتب رواية ويكمل رسم لوحة وينهي مقالا ويقرأ روايات ليكتب فيها نقدا أدبيا وكانوا يقولون إن كنفاني واحد من هؤلاء الذين يضاعفون الوقت وهم ينتجون".
[color:49ce=#3300ff:49ce]كاتب يصنع جيلا
" ليس بالضرورة أن تكون الأشياء العميقة معقدة. وليس بالضرورة أن تكون الأشياء البسيطة ساذجة.. إن الإنحياز الفني الحقيقي هو: كيف يستطيع الانسان أن يقول الشيء العميق ببساطة ".
وصفه الشاعر الفلسطيني محمود درويش قائلا: " كان الفلسطيني الوحيد الذي أعطى الجواب القاطع الساطع، وكانت الشهادة شهادة، وكأنه أحد النادرين الذين أعطوا الحبر زخم الدم، وفي وسعنا أن نقول أن غسان قد نقل الحبر إلى مرتبة الشرف وأعطاه قيمة الدم، كان غسان كنفاني يعرف لماذا يكتب ولمن يكتب ولكنه كان يعرف أيضا أن قيمة هاتين المسألتين مشروطة لإنتاج الفن بإتقان تطبيق المسألة الأخرى كيف يكتب".
وصف النقاد قصص غسان كنفاني أنها أشبه بالمرايا التي يتقاطع فيها الذاتي مع الموضوعي لتشكل خلفية أساسية لمأساة الشعب الفلسطيني، كان انتاجه غزيرا فمن قصصه ومسرحياته نذكر: "موت سرير رقم 12"، "أرض البرتقال الحزين"، "رجال في الشمس" ، "الباب"، "عالم ليس لنا"، "ما تبقى لكم"، "أم سعد"، "عائد إلي حيفا"، ومن بحوثه الأدبية: " أدب المقامة في فلسطين المحتلة"، "الأدب العربي المقاوم في ظل الاحتلال"، و"في الأدب الصهيوني"، ومن مؤلفاته السياسية: "المقاومة الفلسطينية ومعضلاتها"، بالإضافة إلي مجموعة كبيرة من الدراسات والمقالات التي تعالج جوانب معينة من تاريخ النضال الفلسطيني وحركة التحرر الوطني العربية (سياسياً وفكرياً وتنظيميا).
ارتبط أدب غسان كنفاني بالمقاومة الهادفة إلي تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني ومواجهة عدوانه وارهابه وقتله للفلسطنيين مما جعل الموضوع الرئيس في أبحاثه ورواياته وقصصه ومسرحياته فلسطين التي صارت فيها الحياة إلي العذاب والفناء والموت تحت وطأة الصهاينة أعداء هذه الحياة.
[color:49ce=#0000ff:49ce]وعن مزايا أدب المقاومة في قصصه يقول النقاد:
أسس كنفاني لقصة المقاومة وطورها فصارت هناك مقاومة فلسطينية، فهو قاص ينهض بالقيم الوطنية والقومية ويعبر عن قلق الوجود والدفاع عن المصير الفلسطيني، وأول هذه الدلالات التعبير عن معاناة الفلسطينيين في المنفي في قصص مجموعته "موت سرير رقم 12" التي تقيم حوارا مع الذات المؤرقة والمعذبة في خضم المشكلات الاجتماعية والسياسية، وثانيها مأساة المنفي الفلسطيني حنينا وعذابا لدي استحضار أرض المأساة الفلسطينية ببعديها الوجودي والتاريخي، وهذا واضح في غالبة قصص مجموعته "عالم ليس لنا"، فأبانت قصة "جدران من الحديد" وجع الاحتضار عند التماثل مع طير صغير سرعان ما كف عن الطيران، وتماثل الوصف الفلسطيني مع الصقور التي لا يهمها أين تموت، أما الغزالات فتحب أن تموت عند أهلها.
ووجد الراوي في قصة "عشرة أمتار فقط" أن ما يجري من وقائع مروعة "لن يصلح العالم قط"، وأظهرت قصة "علبة زجاج واحدة" سجن حياة الفلسطيني بالترميز، "نحن نتحرك داخلها ولكننا لا نغادر.. نحن ننتقل من طابع إلي آخر، ولكننا لا نغادر.." وتداخل الرمز مع الماء في محاولة للخلاص في قصة "الشاطئ" فقد كانت البقعة الجافة تقع علي بعد ذراع واحد فقط، ورغم ذلك فقد كانت تبدو بعيدة جدا بالنسبة للقطة البيضاء التي كانت تقاوم الغرق بصخب وجنون، فيما بدأت الأجواء تقصف بالرعد.
بقراءة أعمال غسان كنفاني الروائية: يتبين لنا خط غسان الاستراتيجي الواضح في رصده حركة الإنسان الفلسطيني بعد عام 1948م، بدءاً بالبحث عن الأمن النفسي والاقتصادي والاستقرار، مروراً بالبحث عن الهوية الضائعة، وانتهاءً بالثورة الفلسطينية المسلحة.
يمكن القول إن شخصيات غسان في روايتيه " رجال في الشمس "، " وما تبقى لكم؟" بينت أن الإنسان لا يمكن أن يعيش في الحياة دون جسر، ومن ثم لا يمكن أن يكون للحياة معنى، إلا بوجود رابط، وإذا فقد الإنسان هذا الجسر، أو الرابط أصبحت حياته مهددة بالموت إذا لم يقم علاقة جيدة بالحياة، ولذا انفصمت عرى الحياة بين أبطال " رجال في الشمس " وبين الواقع القائم لافتقادهم الجسر الذي يربطهم، وأصبح الموت هو البديل الطبيعي لحياتهم كما يرى د. إحسان عباس في دراسته "غسان كنفاني إنساناً وأديباً ومناضلاً".
وضع غسان كنفاني بطله سعيد في رواية " عائد إلى حيفا " في دائرة مشاعره المضطربة، وهو يرى بيته الذي ينكره لأول مرة بعد عشرين عاماً، ثم يتطور بمشاعره وأفكاره ليتمكن من محاورة الإسرائيلي دوف ـ اليهودي بالتبني أو خلدون ولده ـ وهو على اقتناع بأن ولده خلدون أو دوف سينكره كما أنكرته الأرض.
لقد دفع الكاتب بطله إلى قضية أخرى ساهمت إلى حد كبير في تشكيل رؤية الجانب العربي من الحوار، وهو يرد على دوف الذي لام عليه لأنه تخلى عنه وهو صغير، كما اتهمه بالقصور، لأنه تخلى عن محاولات البحث عنه كغيره من الآباء الذين نزحوا، وتركوا أبناءهم خلفهم، بل رماه بالجبن كما رمى غيره من العرب الذين كفوا عن محاولة العودة. كما أثار دوف في وجهه الإنسان العربي، وذرفه الدموع ليسترد مفقوداً أو ليجترح معجزة تعيد إليه طفلاً أو وطناً.
لقد برهن غسان كنفاني في رواية " أم سعد " إن الإنسان موقف وقضية في دائرة الصراع العربي الإسرائيلي، وبين أن معنى القضية لم يعد مشكلة فردية تتعلق بمنزل، أو شجرة، أو ولد، سواء لإنسان المعتقل، أو لإنسان المنفى.
"أرض البرتقال الحزين"، تحكى قصة رحلة عائلته من عكا وسكناهم في الغازية، "موت سرير رقم 12"، استوحاها من مكوثه بالمستشفي بسبب المرض.
"رجال في الشمس" استوحاها من حياته وحياة الفلسطينيين بالكويت واثر عودته إلى دمشق في سيارة قديمة عبر الصحراء، كانت المعاناة ووصفها هى تلك الصورة الظاهرية للأحداث أما في هدفها فقد كانت ترمز وتصور ضياع الفلسطينيين فى تلك الحقبة وتحول قضيتهم إلى قضية لقمة العيش مثبتاً أنهم قد ضلوا الطريق، فى قصته "ما تبقي لكم"، التي تعتبر مكملة "لرجال في الشمس"، يكتشف البطل طريق القضية، في أرض فلسطين وكان ذلك تبشيراً بالعمل الفدائي.
رحل مخلفا تراثا للأجيال
"إن كل قيمة كلماتي كانت في أنها تعويض صفيق و تافه لغياب السلاح..و إنها تنحدر الآن أمام شروق الرجال الحقيقيين الذين يموتون كل يوم في سبيل شيء أحترمه"
استشهد غسان كنفاني صاحب هذه الكلمات قبل خمس وثلاثين سنة في الثامن من يوليو لعام 1972وعاش ستاً وثلاثين سنة فقط ، استشهد غسان وهو من حمل قنابل الكلمات لا البارود.
غسان مرتبط باغتصاب فلسطين ، وتذهب حينما تتذكره للإحساس بمعاناة المهاجر من أرضه لخيم الذل والهوان ، حيث اضطر للنزوح مع آلاف الفلسطينيين بعد نكبة 1948 ، كما اضطر للهرب مع عائلته للبنان ، يصف خوفهم أثناء رحلتهم وكيف أيقظه والده ونادي عليه ليأتي معه ويشهد دخول الجيوش العربية إلي فلسطين وكان والده يهتف بصوت مبحوح إلي الجنود الفارين، راكضا وراء سياراتهم المصفحة، ليرمي إليهم صور لبعض الأطفال الفلسطينيين الجوعي والحزاني.
حب فلسطين شهادته الأولي
"إذا كنا مدافعين فاشلين عن القضية..فالأجدر بنا أن نغير المدافعين..لا أن نغير القضية"
ولد غسان كنفاني في مدينة عكا الفلسطينية في التاسع من إبريل عام 1936 لأسرة متوسطة، وقد التحق والده بمعهد الحقوق في القدس في ظروف غير عادية إذ كان والده معارضا لذلك ولم يساعده ماليا فما كان منه إلا أن يتكل علي جهده الشخصي لتأمين حياته ودراسته، فكان تارة ينسخ المحاضرات لزملائه وتارة يبيع الزيت الذي يرسله إليه والده إلي أن تخرج كمحام.
غسان هو الوحيد بين أشقائه من مواليد مدينة عكا، فقد كان من عادة أسرته تمضية فترات الإجازة والأعياد في عكا، ويروي عن ولادته أن أمه حين جاءها المخاض لم تستطع أن تصل إلي سريرها قبل أن تضع وليدها، وكاد الوليد يختنق بسبب ذلك.
عاش الطفل غسان مأساة اللجوء بكل تداعياتها وويلاتها وأحسها تماما كما الكبار الذين تركوا بلادهم قهرا، فانعكس إحساسه بالظلم علي أدبه فيما بعد، قائلا: أن الإرهاب قد يفجر مكامن الثورة في النفوس، فيموت الخوف الطبيعي وتحل مكانه إرادة جبارة لا تهادن.
كان من نصيب غسان الالتحاق بمدرسة الفرير بيافا ولم تستمر دراسته الابتدائية هذه سوى بضع سنوات فقد كانت أسرته تعيش في حي المنشية بيافا وهو الحي الملاصق لتل أبيب وقد شهد أولى حوادث الاحتكاك بين العرب واليهود التى بدأت هناك إثر قرار تقسيم فلسطين.
في عام 1948 أجبر وعائلته على النزوح فعاش في سوريا كلاجىء فلسطيني ثم في لبنان حيث حصل على الجنسية اللبنانية، أكمل دراسته الثانوية في دمشق وحصل على شهادة البكالوريا السورية عام 1952. في نفس العام التحق بكلية الأدب العربي في جامعة دمشق ولكنه انقطع عن الدراسة في نهاية السنة الثانية، وانضم إلى حركة القوميين العرب التي ضمه اليها جورج حبش لدى لقائهما عام 1953.
في أواخر عام 1955 التحق للتدريس في المعارف الكويتية وفترة إقامته في الكويت كانت المرحلة التى رافقت إقباله الشديد والذي يبدو غير معقول على القراءة وهى التى شحنت حياته الفكرية بدفقة كبيرة فكان يقرأ بنهم لا يصدق، كان يقول انه لا يذكر يوماً نام فيه دون أن ينهي قراءة كتاب كامل أو ما لا يقل عن ستمائة صفحة وكان يقرأ ويستوعب بطريقة مدهشة.
وهناك بدأ يحرر في إحدى صحف الكويت ويكتب تعليقا سياسياً بتوقيع "أبو العز" ، في الكويت كتب أيضاً أولي قصصه القصيرة "القميص المسروق" التى نال عليها الجائزة الأولي في مسابقة أدبية.
و فى الكويت أيضاً ظهرت عليه بوادر مرض السكري وكانت شقيقته قد أصيبت به من قبل وفي نفس السن المبكرة مما زاده ارتباطاً بها وبالتالي بابنتها الشهيدة لميس نجم التى ولدت عام 1955.
فأخذ غسان يحضر للميس في كل عام مجموعة من أعماله الأدبية والفنية ويهديها لها وكانت هى شغوفة بخالها محبة له تعتز بهديته السنوية تتفاخر بها أمام رفيقاتها ولم يتأخر غسان عن ذلك الا فى السنوات الأخيرة بسبب ضغط عمله، عام 1960 حضر غسان إلى بيروت للعمل في مجلة الحرية .
بالإضافة إلى عمله في مجلة الحرية أخذ يكتب مقالاً أسبوعيا لجريدة "المحرر" اللبنانية لفتت مقالاته الأنظار إليه كصحفي ومفكر وعامل نشيط للقضية الفلسطينية فكان مرجعاً لكثير من المهتمين.
عام 1961 كان يعقد فى يوغوسلافيا مؤتمر طلابي اشتركت فيه فلسطين وكذلك كان هناك وفد دنماركي كان بين أعضاء الوفد الدانمركي فتاة تدعي "آن" كانت متخصصة في تدريس الأطفال، قابلت هذه الفتاة الوفد الفلسطيني ولأول مرة سمعت عن القضية الفلسطينية.
واهتمت الفتاة اثر ذلك بالقضية ورغبت فى الإطلاع عن كثب على المشكلة فشدت رحالها إلى البلاد العربية مرورا بدمشق ثم إلى بيروت حيث أوفدها أحدهم لمقابلة غسان كنفاني كمرجع للقضية وقام غسان بشرح الموضوع للفتاة وزار وإياها المخيمات وكانت هى شديدة التأثر بحماس غسان للقضية وكذلك بالظلم الواقع على هذا الشعب ولم تمض على ذلك عشرة أيام إلا وكان غسان يطلب يدها للزواج وقام بتعريفها علي عائلته كما قامت هي بالكتابة إلى أهلها وقد تم زواجهما عام 1961ورزقا بفايز وليلي.
ثم أصبح غسان رئيس تحرير جريدة (المحرر) اللبنانية، وأصدر فيها(ملحق فلسطين) ثم انتقل للعمل في جريدة الأنوار اللبنانية وحين تأسست الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أصدرت الجبهة جريدة ناطقة باسمها حملت اسم ( الهدف ) وترأس غسان تحريرها، كما أصبح ناطقا رسميا باسم الجبهة.
هكذا كان غسان في أعوامه الستة والثلاثين التي عاشها يسابق الوقت في العمل حتي ذهب البعض إلي القول بأن غسان كنفاني " كان يكتب رواية ويكمل رسم لوحة وينهي مقالا ويقرأ روايات ليكتب فيها نقدا أدبيا وكانوا يقولون إن كنفاني واحد من هؤلاء الذين يضاعفون الوقت وهم ينتجون".
[color:49ce=#3300ff:49ce]كاتب يصنع جيلا
" ليس بالضرورة أن تكون الأشياء العميقة معقدة. وليس بالضرورة أن تكون الأشياء البسيطة ساذجة.. إن الإنحياز الفني الحقيقي هو: كيف يستطيع الانسان أن يقول الشيء العميق ببساطة ".
وصفه الشاعر الفلسطيني محمود درويش قائلا: " كان الفلسطيني الوحيد الذي أعطى الجواب القاطع الساطع، وكانت الشهادة شهادة، وكأنه أحد النادرين الذين أعطوا الحبر زخم الدم، وفي وسعنا أن نقول أن غسان قد نقل الحبر إلى مرتبة الشرف وأعطاه قيمة الدم، كان غسان كنفاني يعرف لماذا يكتب ولمن يكتب ولكنه كان يعرف أيضا أن قيمة هاتين المسألتين مشروطة لإنتاج الفن بإتقان تطبيق المسألة الأخرى كيف يكتب".
وصف النقاد قصص غسان كنفاني أنها أشبه بالمرايا التي يتقاطع فيها الذاتي مع الموضوعي لتشكل خلفية أساسية لمأساة الشعب الفلسطيني، كان انتاجه غزيرا فمن قصصه ومسرحياته نذكر: "موت سرير رقم 12"، "أرض البرتقال الحزين"، "رجال في الشمس" ، "الباب"، "عالم ليس لنا"، "ما تبقى لكم"، "أم سعد"، "عائد إلي حيفا"، ومن بحوثه الأدبية: " أدب المقامة في فلسطين المحتلة"، "الأدب العربي المقاوم في ظل الاحتلال"، و"في الأدب الصهيوني"، ومن مؤلفاته السياسية: "المقاومة الفلسطينية ومعضلاتها"، بالإضافة إلي مجموعة كبيرة من الدراسات والمقالات التي تعالج جوانب معينة من تاريخ النضال الفلسطيني وحركة التحرر الوطني العربية (سياسياً وفكرياً وتنظيميا).
ارتبط أدب غسان كنفاني بالمقاومة الهادفة إلي تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني ومواجهة عدوانه وارهابه وقتله للفلسطنيين مما جعل الموضوع الرئيس في أبحاثه ورواياته وقصصه ومسرحياته فلسطين التي صارت فيها الحياة إلي العذاب والفناء والموت تحت وطأة الصهاينة أعداء هذه الحياة.
[color:49ce=#0000ff:49ce]وعن مزايا أدب المقاومة في قصصه يقول النقاد:
أسس كنفاني لقصة المقاومة وطورها فصارت هناك مقاومة فلسطينية، فهو قاص ينهض بالقيم الوطنية والقومية ويعبر عن قلق الوجود والدفاع عن المصير الفلسطيني، وأول هذه الدلالات التعبير عن معاناة الفلسطينيين في المنفي في قصص مجموعته "موت سرير رقم 12" التي تقيم حوارا مع الذات المؤرقة والمعذبة في خضم المشكلات الاجتماعية والسياسية، وثانيها مأساة المنفي الفلسطيني حنينا وعذابا لدي استحضار أرض المأساة الفلسطينية ببعديها الوجودي والتاريخي، وهذا واضح في غالبة قصص مجموعته "عالم ليس لنا"، فأبانت قصة "جدران من الحديد" وجع الاحتضار عند التماثل مع طير صغير سرعان ما كف عن الطيران، وتماثل الوصف الفلسطيني مع الصقور التي لا يهمها أين تموت، أما الغزالات فتحب أن تموت عند أهلها.
ووجد الراوي في قصة "عشرة أمتار فقط" أن ما يجري من وقائع مروعة "لن يصلح العالم قط"، وأظهرت قصة "علبة زجاج واحدة" سجن حياة الفلسطيني بالترميز، "نحن نتحرك داخلها ولكننا لا نغادر.. نحن ننتقل من طابع إلي آخر، ولكننا لا نغادر.." وتداخل الرمز مع الماء في محاولة للخلاص في قصة "الشاطئ" فقد كانت البقعة الجافة تقع علي بعد ذراع واحد فقط، ورغم ذلك فقد كانت تبدو بعيدة جدا بالنسبة للقطة البيضاء التي كانت تقاوم الغرق بصخب وجنون، فيما بدأت الأجواء تقصف بالرعد.
بقراءة أعمال غسان كنفاني الروائية: يتبين لنا خط غسان الاستراتيجي الواضح في رصده حركة الإنسان الفلسطيني بعد عام 1948م، بدءاً بالبحث عن الأمن النفسي والاقتصادي والاستقرار، مروراً بالبحث عن الهوية الضائعة، وانتهاءً بالثورة الفلسطينية المسلحة.
يمكن القول إن شخصيات غسان في روايتيه " رجال في الشمس "، " وما تبقى لكم؟" بينت أن الإنسان لا يمكن أن يعيش في الحياة دون جسر، ومن ثم لا يمكن أن يكون للحياة معنى، إلا بوجود رابط، وإذا فقد الإنسان هذا الجسر، أو الرابط أصبحت حياته مهددة بالموت إذا لم يقم علاقة جيدة بالحياة، ولذا انفصمت عرى الحياة بين أبطال " رجال في الشمس " وبين الواقع القائم لافتقادهم الجسر الذي يربطهم، وأصبح الموت هو البديل الطبيعي لحياتهم كما يرى د. إحسان عباس في دراسته "غسان كنفاني إنساناً وأديباً ومناضلاً".
وضع غسان كنفاني بطله سعيد في رواية " عائد إلى حيفا " في دائرة مشاعره المضطربة، وهو يرى بيته الذي ينكره لأول مرة بعد عشرين عاماً، ثم يتطور بمشاعره وأفكاره ليتمكن من محاورة الإسرائيلي دوف ـ اليهودي بالتبني أو خلدون ولده ـ وهو على اقتناع بأن ولده خلدون أو دوف سينكره كما أنكرته الأرض.
لقد دفع الكاتب بطله إلى قضية أخرى ساهمت إلى حد كبير في تشكيل رؤية الجانب العربي من الحوار، وهو يرد على دوف الذي لام عليه لأنه تخلى عنه وهو صغير، كما اتهمه بالقصور، لأنه تخلى عن محاولات البحث عنه كغيره من الآباء الذين نزحوا، وتركوا أبناءهم خلفهم، بل رماه بالجبن كما رمى غيره من العرب الذين كفوا عن محاولة العودة. كما أثار دوف في وجهه الإنسان العربي، وذرفه الدموع ليسترد مفقوداً أو ليجترح معجزة تعيد إليه طفلاً أو وطناً.
لقد برهن غسان كنفاني في رواية " أم سعد " إن الإنسان موقف وقضية في دائرة الصراع العربي الإسرائيلي، وبين أن معنى القضية لم يعد مشكلة فردية تتعلق بمنزل، أو شجرة، أو ولد، سواء لإنسان المعتقل، أو لإنسان المنفى.
"أرض البرتقال الحزين"، تحكى قصة رحلة عائلته من عكا وسكناهم في الغازية، "موت سرير رقم 12"، استوحاها من مكوثه بالمستشفي بسبب المرض.
"رجال في الشمس" استوحاها من حياته وحياة الفلسطينيين بالكويت واثر عودته إلى دمشق في سيارة قديمة عبر الصحراء، كانت المعاناة ووصفها هى تلك الصورة الظاهرية للأحداث أما في هدفها فقد كانت ترمز وتصور ضياع الفلسطينيين فى تلك الحقبة وتحول قضيتهم إلى قضية لقمة العيش مثبتاً أنهم قد ضلوا الطريق، فى قصته "ما تبقي لكم"، التي تعتبر مكملة "لرجال في الشمس"، يكتشف البطل طريق القضية، في أرض فلسطين وكان ذلك تبشيراً بالعمل الفدائي.
زائر- زائر
رد: غسان كنفاني وارض فلسطين
بارك الله فيكى اختى لميس
مرومه الدلوعه- مشرف
- عدد الرسائل : 261
السٌّمعَة : 0
نقاط : 187080
تاريخ التسجيل : 28/10/2007
رد: غسان كنفاني وارض فلسطين
تقسيم فلسطين.
في عام 1948 أجبر وعائلته
على النزوح فعاش في سوريا كلاجىء فلسطيني ثم في لبنان حيث حصل على الجنسية
اللبنانية، أكمل دراسته الثانوية في دمشق وحصل على شهادة البكالوريا
السورية عام 1952. في نفس العام التحق بكلية الأدب العربي في جامعة دمشق
ولكنه انقطع عن الدراسة في نهاية السنة الثانية، وانضم إلى حركة القوميين
العرب التي ضمه اليها جورج حبش لدى لقائهما عام 1953.
في أواخر عام
1955 التحق للتدريس في المعارف الكويتية وفترة إقامته في الكويت كانت
المرحلة التى رافقت إقباله الشديد والذي يبدو غير معقول على القراءة وهى
التى شحنت حياته الفكرية بدفقة كبيرة فكان يقرأ بنهم لا يصدق، كان يقول
انه لا يذكر يوماً نام فيه دون أن ينهي قراءة كتاب كامل أو ما لا يقل عن
ستمائة صفحة وكان يقرأ ويستوعب بطريقة مدهشة.
وهناك بدأ يحرر في
إحدى صحف الكويت ويكتب تعليقا سياسياً بتوقيع "أبو العز" ، في الكويت كتب
أيضاً أولي قصصه القصيرة "القميص المسروق" التى نال عليها الجائزة الأولي
في مسابقة أدبية.
في عام 1948 أجبر وعائلته
على النزوح فعاش في سوريا كلاجىء فلسطيني ثم في لبنان حيث حصل على الجنسية
اللبنانية، أكمل دراسته الثانوية في دمشق وحصل على شهادة البكالوريا
السورية عام 1952. في نفس العام التحق بكلية الأدب العربي في جامعة دمشق
ولكنه انقطع عن الدراسة في نهاية السنة الثانية، وانضم إلى حركة القوميين
العرب التي ضمه اليها جورج حبش لدى لقائهما عام 1953.
في أواخر عام
1955 التحق للتدريس في المعارف الكويتية وفترة إقامته في الكويت كانت
المرحلة التى رافقت إقباله الشديد والذي يبدو غير معقول على القراءة وهى
التى شحنت حياته الفكرية بدفقة كبيرة فكان يقرأ بنهم لا يصدق، كان يقول
انه لا يذكر يوماً نام فيه دون أن ينهي قراءة كتاب كامل أو ما لا يقل عن
ستمائة صفحة وكان يقرأ ويستوعب بطريقة مدهشة.
وهناك بدأ يحرر في
إحدى صحف الكويت ويكتب تعليقا سياسياً بتوقيع "أبو العز" ، في الكويت كتب
أيضاً أولي قصصه القصيرة "القميص المسروق" التى نال عليها الجائزة الأولي
في مسابقة أدبية.
بلقيس- مشرف
- عدد الرسائل : 284
العمر : 41
السٌّمعَة : 0
نقاط : 186694
تاريخ التسجيل : 12/11/2007
رد: غسان كنفاني وارض فلسطين
يسلمو رفيقتي لميس فعلا موضوع رائع
وخاصه عن حياه رفيقنا القائد /
الاديب غسان كنفاني
ارق تحيه حمراااااااااااااء
وخاصه عن حياه رفيقنا القائد /
الاديب غسان كنفاني
ارق تحيه حمراااااااااااااء
عاشق الحرية- مدير
- عدد الرسائل : 197
العمر : 29
الموقع : رفاق الدرب
السٌّمعَة : 0
نقاط : 187202
تاريخ التسجيل : 23/10/2007
مواضيع مماثلة
» الي عشاق غسان كنفاني
» الجزء الاول من مسرحيه رجال في الشمس لعسان كنفاني
» فلسطين حرة
» صور فلسطين
» آه يا فلسطين.....
» الجزء الاول من مسرحيه رجال في الشمس لعسان كنفاني
» فلسطين حرة
» صور فلسطين
» آه يا فلسطين.....
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
21/07/22, 05:59 am من طرف نسيم الفجر
» سيرياتوك |syriatalk| بديل |syriamoon|سيرياتالك syriatalk.red
04/02/17, 10:16 pm من طرف سيرياتوك
» صور من غزه من تصويري رقم 7
08/01/17, 07:15 am من طرف نسيم الفجر
» Building-Operational-Excellence-in-the-Process-Industry
31/07/16, 11:42 am من طرف مركز التدريب
» Supply-Chain:-Concept,-Solution-&-Application
27/07/16, 01:35 pm من طرف مركز التدريب
» Planning-and-Managing-PR-Campaigns-MBA
19/07/16, 10:06 am من طرف مركز التدريب
» Business-Brain-Train-The-Whole-Brain-Approach-To-Business-Ef
18/07/16, 01:21 pm من طرف مركز التدريب
» مدراء المكاتب والسكرتارية التنفيذية باستخدام الحاسوب
17/07/16, 11:47 am من طرف مركز التدريب
» استخدام التحليل الرباعي في الادارة الاستراتيجية
16/07/16, 12:34 pm من طرف مركز التدريب
» تطوير وتنمية مهارات التنسيق الإداري
13/07/16, 12:15 pm من طرف مركز التدريب
» Supply_Chain:_Concept,_Solution_&_Application
05/07/16, 11:20 am من طرف مركز التدريب
» Building_Operational_Excellence_in_the_Process_Industry
03/07/16, 10:42 am من طرف مركز التدريب
» Effective_Project_Management
02/07/16, 11:25 am من طرف مركز التدريب
» Supporting and Troubleshooting Windows 10
26/06/16, 01:10 pm من طرف مركز التدريب
» دورات تدريبية لعام 2016 مقدمة من مركز الجودة لاوروبية
22/06/16, 12:05 pm من طرف مركز التدريب